Thursday, March 21, 2013

الاستيقاظُ على آلامِ المعدةِ والرأس، ليس أفضل ما يمكن أن يحدث في العالم.. وليسَ عليَّ أن أختصرَ العالمَ تماما في ألمٍ أيا كان، حتى لو دامَ لأكثر من عشرين عاما.. تخيل أن تستيقظ يوميًّا ليس بفعل صوتِ المنبه.. أو ضوضاء الآخرين أو لأنك نمت أكثر من اللازم.. بل.. لألمٍ ما!

ربما لو توقف الكثيرونَ عن تأليف قصائد ركيكة في أعيادِ الأمومةِ وانتصاراتِ الدولةِ، واقتباسِ بعض الجمل المبتذلة من قصائد آخرين، ربما لو عبر العالم عن امتنانِه بشكل أبسط.. لصار أجمل.

العالمُ قبيحٌ.. الآخرون يحفظون لأنفسهم مسافةً تحميهم من عدوى الأرقِ والضجر.. الحكاياتُ مخيِّبةٌ دائما بنهاياتِها المرتبة، كل هذا.. لن يدفعني مرة أخرى لبعض المهدئاتِ للتخلص من عصبية معدتي، ربما أبقيها كحالةٍ معادلةٍ لآلامِ الروح، أو أنهم في صراعٍ على من ينهزمُ منهم أولا.. بينهم أنا.. أشاهدُ صراعهم في صمتٍ.. أداعبُ الألمَ كقطّةٍ كسولة.. وربما أمارسُ بعض ألعابِ التخفي مع ذاكرتي الممتلئة بهم.

للألمِ قدرة عجيبة على سلبنا الكثير من الإنسانية، كأن.. نشغل أنفسنا بتصنيفِه.. -أو كتابةِ نصٍ  لا جدوى منه ولا مفر من ركاكتِه- عن محاولاتٍ فاشلةٍ للتخلصِ منه.
\

Tuesday, March 19, 2013

اليوم.. هو الأول في فشلِ محاولاتي لدرءِ الملل، بعد عشرين يوما من  سلامٍ داخليٍّ لم يزرني منذ زمنٍ بعيد، بعد قرارٍ ربما يغير اتجاهات حياتي تماما، كنت سعيدةً تماما بقدرتي التي تتضاعف يوميا، على تفريغِ خطايَ من أي حِملٍ زائدٍ على الروح، دون الالتفات.. لقدرتي على تفريغِ القلبِ والذاكرةِ من ندوبٍ قديمةٍ ومحاولاتٍ فاشلةٍ وبقايا احتمالات، كنت سعيدةً حقا.. حدَّ أني ربما لو كنتُ كتبتُ هذا قبل الآن، لما أزعجني تكسر لغتي وركاكةِ التعبير.

كنتُ أتعجب دائما.. لماذا تقفزُ لذاكرتي روايةً وحيدةً طوال الوقت، كلما فكرتُ في كتابٍ لأقرأه في لحظةٍ عابثة، كلما فكرتُ في شيءٍ أحبه، كلما فكرتُ في كتابٍ وحيدٍ باقٍ في ذاكرتي رغم إلقائها لكل شيء.. ولماذا كان اسمها "تفريغ الكائن"، ولماذا حصلت عليها بصدفةٍ عبثيَّةٍ جدا، ربما لتناسب بقاءها الغريب بداخلي.. أو لتناسب عبثية "داخلي" أصلا؟.. ربما.. ولماذا.. هي ليست معي الآن!

سعي دائم لأتخلص من كل ما يطرأ عليَّ من أي شيء.. ربما تزعجني وحدتي أحيانا، ولكن يزعجني أكثر بقاء الآخرين في القلب أو في الذاكرة، لم يكن مجازيا ما قلت قبل الآن عن أن قلبي مثقوب ولا يتحمل ثقل وجود الآخرين، وربما لهذا أيضًا.. أتخلص منهم -لاواعيةً لذلك- بحدَّتي وقسوتي أحيانا. أنا أكره هذا.. أكرهني وأكره الآخرين. 

ماذا على الكتابةِ أن تفعل الآن في هذا الملل والصخب الداخلي؟؟ ماذا على فقراتٍ مفككةٍ ركيكةٍ أن تفعل الآن في سقفِ الغرفةِ الذي يقتربُ تدريجيًّا ويختزل مساحات التنفس؟
المثيرُ للسخفِ الآن.. أن لا أحد يستطيعُ الكتابةَ إلا في لحظاتِ الموت.. فقط من لا يستطيعون الصراخَ في وجهِ العالم.. يلقون برئاتهم الضيقةِ على ورقةٍ بيضاء.. ويصدقونَ أن الهواء الآن.. صار أكثر!

Wednesday, March 13, 2013

علامات كاذبةٌ للترقيم

البردُ للوحيدينَ
 متقمِّصي دور طرفٍ آخر 
في روايةٍ مفردة

بداياتُ الصيفِ تصيبني بالخوف، وألمٍ ما لم أستطع توصيفه حتى الآن؛ البردُ والليل.. أحدهم قال لي إن الشتاءَ انعزاليٌّ وموحش.. كنتُ أعرفُ ما يعني.. ولكني لم أكلف نفسي عناء الخروجِ من مساحتي الإنعزاليةِ أصلا لأوافقه على رؤيته، حتى من باب المجاملة، وربما لئلا أضع نفسي في خانة الدفاعِ عنها حينَ يثبتُ أني أحب الشتاء أصلا لذلك؛ الإنعزاليةُ الوحشةُ البردُ الصمتُ الظلامُ هذي المفردات أعرفها جيدا.. وهي وحدَها.. لا تصيبني بغربةٍ تقيمُ بصدري حين تغيب واحدةٌ منها.
كيف أنام الآن وأنا لا أستطيع البحث عن قليل من الدفءِ.. فقط لأنه قريبٌ حدَّ الاختناق!؟

من لا يجيدُ استخدامَ علاماتِ الترقيمِ جيدا، أو لا يفهمها.. لن يقهم سكتاتِك المختَلَسةَ من حديثٍ طويلٍ بينكما، الشعرُ.. هو الفراغُ خلفَ الجملِ القصيرةِ الوجِلة، صفحاتُ الشعر.. بيضاء عن عمد.

الصداقاتُ تحتاجُ جهدًا أكبر للحفاظِ عليها/ بداياتُ اللوحاتِ كبداياتِ الحب/ ملابسي كلها لا تخلو من ضرباتِ فرشاةٍ عابثة.. ولوحاتي كلها ناقصة/ الكسلُ والقهوة.. أحبهما.. وأنتصرُ عليهما في كل مرة/ الآخرونَ مغامراتٌ تتطلبُ الاستعدادَ لمواجهةِ وسخٍ ما.. أو.. التخلي عن يقين بأننا جميعا.. وسخٌ أصابَ الأرض، كلاهما يحتاجُ جهدًا أكبر.. مرة اخرى.. أنا كائن كسول بالفطرة..
الكسالى وحيدون..
ومفرطونَ في الغياب.. 
يدخنونَ بشراهةٍ
يسكرون
والسكارى.. 
لا يعول عليهم
\

Wednesday, March 6, 2013

عنها.. من ذاكرةٍ مثقوبةٍ برفضها


البنتُ في المدرَّجِ الخلفي في انتظارِ محاضرةٍ ما، تخبِّىءُ خجلَها ووحدتها في كتابٍ عن كيفيَّةِ اكتسابِ الأصدقاء، تسدُّ قلبَها عن نظراتِهم الفضوليَّةِ والسَّاخرة.. ثم تبذلُ جهدًا أكبر في إخفاءِ المسافاتِ الطويلةِ تحتَ جلدِها، وفي تجاعيدِ عينيها.

"دايما عندي إحساس ان جنينة الأسماك مفهاش أكتر من سمكتين لونهم رمادي، وكتير من بني ادمين لسة مش مدركين، ان الطفو.. مش اختيار.. أو على أقل تقدير.. الغرق مش الاختيار الأمثل ف أوقات كتير."

لو أنَّ الله جرَّبَ الوحدةَ.. لما خلقَ العالم في هذهِ الصورة، أو ربما لم يكن ليخلقهُ أصلا، أو –ربما أيضًا- لقلل من اشتهائنا لها.

البنتُ تكبرُ ثلاثين عامًا.. البنتُ في حجرةٍ ما في بيتٍ ما للمسنين، تخبِّىءُ كِبرَها ووحدتها في كوبٍ ممتلىءٍ بالسُّكَّر، تسدُّ قلبَها عن اتهاماتِ مديرةِ الدَّار لها بسرقةِ السُّكَّر.. ثم تبذلُ جهدًا أكبرَ في إخفاءِ الخيبةِ المكتملةِ خلفَ نظراتِها.. وفي تجاعيدِ انتظارِها للموت