Wednesday, May 29, 2013

جدوى.. ربما لا




عن وجعي.. أعرفُ كيفَ أمسحُ على رأسِه فيتركُ لي مساحةَ خطوةٍ لأنفجر.. وشربةَ ماءٍ لأكتم صراخي الذي لا أجيده،
عن وجعِ العالمِ.. كيف أسامحه؟ أو.. لماذا أُمعِنَ في أداء دور الآخر، فقط، حينما يصيبه وجعٌ ما؟
السيدة التي جلست بجواري في المترو وبكت فجأةً، أثارت هوايتي في سب العالم، وعجزي -وعجزها- عن فعل أي شيء.

الغياب المتكرر/ الفقد المتكرر/ الوجع الدائم/ الفجوات المتسعة برتابةٍ وصبر، كلهم يجيدون تفادي لسعاتِ الوقتِ فيبقون أطول، كلهم يجيدون التحوّر بما يلائم طبيعة المناخ والموسيقا، الموسيقا وأنا نحاولُ، بجدوى منهكةٍ، هزيمتهم، والخسارةُ.. ممعنةٌ في الحضورِ كرغبةٍ في اللا شيء.

رغبةٌ في اللا شيء، تقابلها رغبةٌ في تغيير وضعية جلوسي التي ربما لم أغيرها ليومٍ كاملٍ/ رغبةٌ في التدخينِ يقابلها رفضٌ طفوليٌّ لسوءِ طعم الدخانِ/ رغبةٌ في الانتحارِ يقابلها الشعور باللا جدوى؛ كل ذلكَ لا يعبأ بأني لا أؤمن بالأضدادِ أصلا، فكيف لو فعلت!؟
في المسافاتِ بينهم، أعلق نظري على فراغٍ ما، أذني بموسيقا لا أعرفها، وأقلب.. -لا واعيةً- في لوحاتِ كارافاجيو، كتزجيةٍ لانتظارِ اللا شيء، أو مجاراةً لحركةِ الوقتِ الرتيبةِ.




Monday, May 27, 2013

Nihilistic mustaches




اليوم، والآن تحديدًا قررت أن أرسم عدةَ لوحاتٍ -لي- بشوارب -سأصفها بالعدمية- مختلفة، -بعد أن رسمتني بشارب دالي- وربما وأنا أثبِّت شعري بقلم جرافيت أو فرشاة رسمٍ. لم أحدد أشكال الشوارب بعد، باستثناء اثنين فقط. 

الصليب المقلوب في لوحة زرباران، أفقدني الشعور بالجاذبية، لم يكن ذلك مريحا أبدا، سوى لهالةِ النور حولَ الصليب، والإعتام المتعمد على ما سواه، رغم ذلك تقليدية الفكرة أيضًا غير مريحة.

مَن مِن الرسامين لم يكن لديه ما يكفيه من البارانويا لئلا يرسم نفسه؟ ربما لم يتوقف الأمر على البارانويا، ولكن على تفريغ نفسه في شكلٍ آخر، ربما ليتعرف عليها أكثر، أو لئلا يشعر بالغربةِ، على اعتبار أنه لا يعرف غيرها؛ أيا كان، أنا لا أعرف لماذا.



Sunday, May 26, 2013

نبيٌّ نيىءٌ




القلبُ.. نبيٌّ نيِّىءٌ،
لا بُدَّ من رؤىً بالغةٍ لتُقبَلَ فتواهُ،
ليلجَ أبوابَ العرفانِ، 
ليعرفَ
أن حيودَ الطرقِ لا يعني انتفاءَ الوصولِ، 
و ليعرفَ أن الطريقَ مسالمٌ 
كعجوزٍ 
يراقبُ التبدُّلَ في مللٍ وحكمةٍ.

"من ذاق عرف، ومن عرفَ اغترف" 
فَرَدَّ علاماتِ الظمأِ في وجوه الواقفينَ على حدودِ الوجد، 
المثقلين بخوفِهم.

القلبُ..
نبيُّ كاملٌ،
فاستفتِ وجدَكَ،
و خضْ مسالكَ ما ارتجى.. 
\



Saturday, May 25, 2013

ماتيس.. جبران.. وغيمةٌ موازية




ماتيس.. الصورةُ الأرضيَّة لقدسية جبران؛ ثمة علاقةٌ ما، بين لوحات ماتيس.. وجبران، وكأن الأول يرسم جسد الفكرةِ، الثاني يرسم روحها، ربما لم تكن العلاقة مباشرة، وربما لم تكن أصلا، محض توهماتٍ كنتيجةٍ سُكْريَّة للأرق. 

رأسي تميل إلى اليمين حتى صارت أفقية تماما، الآن ستسقط سحابةٌ ما، من أحد المصابيح الأربعةِ في سقف الغرفةِ، تخترق أذني اليسرى، وتستقر في الجمجمة بعد أن تزيح ما بداخلها، أو ربما تذيب كل شيءٍ لو أمطرت لدقيقتين فقط، السحابُ لا يحب المساحات الضيقة، ورأسي صاخبةٌ.. صاخبةٌ باللاشيء!

بين "رقص" ماتيس، و"ألم" جبران، ثمة مساحاتٌ للتأويل وضبابية الحدودِ في كليهما؛ 
بين السحابة في رأسي والصخب بداخلها، رغباتٍ متقطعةٍ في الاندماج، وأنانية مفرطة، من كليهما، في الاستيلاء عليها كاملة
أنا.. أفضل السحابةَ
سأنتظر حتى يكتمل دخولها تماما، أعيد رأسي فجأةً لمكانِها، لتمطرَ الأولى، ربما امتزجت رقصة ماتيس بألم جبران، في اللحظة التي يلتقيانِ فيها.. على بابِ القيامة
\



Friday, May 24, 2013

فرديَّة





ألا تنتظر شيئًا.. هكذا يكتمل لك العالمُ/ الوقتُ صاخبٌ حين تنتظر.. والعالمُ صداعٌ أبديّ/ 
علينا ما علينا من رؤانا/ عليكم ما عليكم من تأويلاتِكم
"ولو فهموا دقائق حب ليلى"
"كفرتُ بدينِ الله والكفر واجبٌ  
عليَّ وعند المسلمينَ قبيحُ"
ماذا فهموا من الحلاج ليصلبوه؟ وماذا فهموا عن ابن عربي؟

المزيد من الحدَّةِ/ المزيد من الخسارةِ/ المزيدُ من الفقدِ/ المزيدُ من العزلة
كيف يتوقع الآخرون أن يكسروكَ هكذا فتباركهم بابتساماتٍ باردةٍ وشُكر؟
المسافةُ بين ارتجالاتِ الوحدةِ وخيباتِها..
لا تسعها قلوبٌ خمشتها الحياةُ بخطى واثقةٍ وبلا شعورٍ عابرٍ بالندم، فالتبستها الحدةُ كسكاكين صدئة.

مرَّ وقتٌ طويلٌ وأنا أحاول انتهاكَ المسافةِ بيني والعالمِ، ربما بدا العالم أقل قسوةً لو فعلت.. وربما لا، في الحالتين، ثمة نتائج لا أختارها، هشاشةُ القلبِ -وفشلُ المحاولات- تردني أبعد/ التطبع بقسوة العالم بدا أقرب في الوصول إليه.. وربما لا!

من اعتادَ الفقدَ بدايةً.. يخلقه في كل خطوةٍ حفاظًا على رتميَّةِ ملائمةِ الوجعِ المرادفِ/ ثمة من خُلقوا ليَفقدوا/ ثمة من خلقوا ليوجعوا/ ثمة من خلقوا ليمارسوا الحياةَ كـ رسالةٍ طويلةٍ للا أحد. موسيقى سيبيليوس الآن لا تكفي لعراكٍ حادٍّ مع تناقضاتٍ كامنةٍ في الروح/ الألوانُ خادعةٌ وعاصية/ 
الأرقُ.. قهوةُ العاكفينَ على الدمِ والمقامرة
الأرقُ.. انتظار الربحِ، بورقٍ خاسرٍ.. وكأسيْ وجع
\



Thursday, May 23, 2013

واحديَّة




الجرحُ في إصبعي يلتئمُ سريعًا، رغم اتساعه، ليست الصورة هي العبء الأكبر كما ندَّعي دائمًا، لن تنبت لأرواحنا أجنحة لو تخلصنا من أجسادنا، ربما كانت الروح أثقل وأشد جذبا للأرض من الجسد، ربما كانت هي النقص، تحقيقًا، في الجزء الأكبر منَّا؛ لا أحب الصباحات المتخمة بالاحتمالات؛ سكاكين الرسم تخلق جروحًا كبيرة نسبيًا.. ولكنها لا تكفي حتى لانتحار.

الآخرون طيبون.. حتى في أشد لحظاتهم قسوةً أو كرهًا، هذا الطفل الكامن بعيدًا عن تفاصيلنا المتعَبَة، لا يعبأ بالوقتِ.. أو بكسور مفتعلةٍ في وجهه، يعبأ فقط.. بحباتٍ صغيرةٍ من الحلوى في صباحاتٍ هادئةٍ وبسماتٍ مكتملة. لو نحينا جروحنا جانبًا.. لاكتشفنا واحديَّةَ أوجهنا.. وكذبَ التباين في حقيقةِ الخلق.

ليست المحاولات ببساطة افتراضها، للدمِ، كالرؤيةِ، مسارٌ واحدٌ، ولندوب الجرح المتكرر فضولُ العابرين/ استياءهم/ وافتراءاتٌ لا تكفي لغير إشباع خطواتهم السريعة، أوتفاديا لصعوبة البوح
\



Wednesday, May 22, 2013

درءًا لما لا أعرف..




كيفَ ابتدأ الله الخلق لو لم يكن يعاني من رغبةٍ حادةٍ في البوحِ/ لو لم يكن يعاني من سأمٍ أو وحدةٍ مزمنةٍ/ لو لم يكن في حاجةٍ لمرآةٍ ليرى فيها اكتماله؟
ليكتمل الصباحُ -كأبدٍ علينا أن نجاريه- علينا أن نتناسى الأسئلةَ المطلقة، و -ربما- أن نكتسب بعض اليقينِ الكافي لدرء صفاتٍ لا  تليق بغير ضجرنا الحالي، عما لا نعرف.



عليكم بما عليكم من المسافاتِ، كونوها، تغلفُ خطوكم بالبعدِ/ كونوها تردّ قلوبكم لقساوةِ الغيمِ/ إسفلتِ الغيابِ/ رحيلِهم/ وحنينِكم للذكرياتِ/ كونوها تتمَّةَ تيهكم.. وشتاتِها. 
فقط من يشاهدونَ الحياةَ من بعيدٍ يستطيعون شربَ الخرائط بحرًا بحرًا، وإعادةَ رسمِ المسافاتِ بما يليق بخطوكم وغيابهم، فاسمحوا لأحزانهم بالمرورِ كما يليق.

مثلا..
سأجرب أن أمزج المشي الصباحي بالرسمِ
أرسمُ على الطريقِ كسرًا لأصل أسرع من ضجري.. 
فأسقطُ
أرسمُ على السقوطِ عجزًا.. يردّ الخطوةَ
أرسمُ خطوتي "أبدًا"..  أحاولُ أن أجاريَه فأُهزم،
سأرسمُ على وجهِ الصباحِ هزائمي...
فأبكي
\






Monday, May 20, 2013

توصيف بالسلب




الألمُ الهادىءُ جدًّا بعدَ استقرارِ الرصاصةِ فى القلب .. 
هذا وحدهُ ما يأتي بكل شىء.. 
بالحرف/ بالرؤيةِ/ بالفكرةِ/ من الفراغاتِ التى تتيه فيها، و نفعل!

فقط من يستطيعون وصف أنفسهم بموجبية الصفاتِ هم الأحياء، واقفون نحنُ على حدودِ النفي، والسلب، نقشِّرُ الحياةَ صفةً صفةً عن أنفسنا، عرايا من كل ما نعرف في مواجهةِ الملحِ والهواء/  بأجزاء مبعثرةٍ وحروق كثيرة/ ببحرٍ ضيقٍ وملوحةٍ لاذعة/ بصوتٍ متكسر وصور هائجة/ بكسلٍ هائل ورغباتٍ صاخبة. من يصدق دم الشهداء بعد الآن؟ من يصدق حقيقة الحرفِ بعد صدمات متكررة مع الفكرةِ/ الروحِ/ الصدر/ الأحبال الصوتيةِ؟ كيف يصدقون اهتراءات الكلمةِ بعد كل ذلك؟ كيف يجيدونَ ربطَ أنفسهم بوهمٍ ما لوهمٍ أكبر/ كيفَ يصلونَ لمرحلةٍ ما من اليقينِ يصبُّونَ فيها قلوبهم تمامًا ثم يشاهدون ذوبانها على مهلٍ و بنشوةٍ غامرة؟

الألمُ الهادىءُ جدا بعد استقرار الرصاصةِ في القلب ..
هذا وحده يأتي بكل شيءٍ..
إلا الموت
\


Saturday, May 18, 2013

عمَّا ينقصُ بالحديث عنه




كأن ينشغل التائه بعدِّ خطواتِه بدلا من أن يبحث عن صيغةٍ للسؤال، أو كأن يرتِّب طريقًا افتراضيًا لا يفضي إلى شيءٍ سوى مزيدٍ من التيه، هكذا يقابل السكارى واقعا لا يخصهم في شيء، هكذا.. نقابلُ العالمَ.. عرايا.. سوى من رغبةٍ في الوصولِ، تخفتُ على امتدادِ تشابه النهايات.
تقول: من يريد الرحيل حقا.. لا يخبر أحدا؛ الراغبون في البقاءِ فقط يبحثون عن سببٍ له، لكن الخيوط ضعفت.. والحيادَ آكلُ ظلالٍ بارع.

"يا شمسُ يا مهووسةٌ بابتلاعِ ما سقط عنَّا وما لم يسقط بعد.. ردِّي امتلاء جيوبنا بالحلم"
هكذا لم نكن نغني حينما يسقط حلم ما على القلب، هكذا.. ثُقبَت جيوب القلب أجمعها، واكتسبنا الأرق
يقول: لو أن الله خلقني نملةً.. لكنتُ الآن أسعد.

في مشهدٍ موازٍ، النملة تتسلق المرآة لخمس ساعاتٍ متواصلة، وعلى المسافة ذاتها من البداية.. تسقط.



Thursday, May 16, 2013

Leak




محاولاتٌ كثيرةٌ جدا للتخلصِّ من كل ما لا أعرف، مفرداتي المكررة، مخاوفي، نظراتِ أمي المشفقة عليّ من عبثيتي، جنوني، وعمري المُهدَر على لا شيء -كتعريفها للشيء!

الآن وبعيدا عن محاولاتي التي تفشل دائما، بعيدا عن مراقبتي لهشاشة قلبي التي تتضاعف يوميًا بلا سبب واضح، بعيدًا عن جدوى الوجود، عن الرغبة في اللاشيء/ الألوان/ الآخرين/ الفراغ/ الألم/ هيستيرية الحركات الضجِرَة، لا أريد سوى رسالةٍ طويلةٍ عن لاشيء، من لا أحد على وجه الخصوص، فقط رسالة عبثية لا تعني أي شيء، طويلة، ودافئة، باعثة على الجنون، البكاءِ، أو الموت.

الغربةُ للمرةِ الألف.. هاجسي الأكبر الآن، وربما معركتي التي أنكر حقيقة قدرتي على تمريرها
\






Me, with Dali's mustache
(Unfinished) 


Tuesday, May 14, 2013



خذ ما كشفتَ من الرؤى..
وهاتِ الحرفَ مجتَمِعًا
\





نبوءةٌ أولى





هذه المساحةُ/ المجازيةُ جدا/ الدافئةُ/ نصفُ المضيئةِ/ المحتويةُ/ الواسعةُ بلا وحشةٍ/ والضيقةُ بلا اختناقٍ/ وحدها تكفي لتمريرِ الغصة المتكاثفة على القلب والصوت، هذا الجمودِ الساكن تفاصيل الوجهِ والذاكرة، هذا الوقتِ غارق في الخذلانِ والكسل.

أمي لا تدعني أنهي أحلامي، بلا سببٍ واضحٍ تقتحم المحاولةَ الوحيدة الناجحة لدرء السخف والوجع، ربما لا تعرف.. ربما لا تعرف!

لو أستطيعُ أن ألقي عن قلبي أوجاعَ الآخرين، لكانت الحياة أقل ألمًا، وأخف خطىً؛ لو احتفظت في جيبي بأكثر من صورةٍ ضبابية لأبي، لكان القلب أكثر قدرةً على الاحتفاظ بشيء لأكثر من خيبتين متتاليتين؛ قلبي مثقوب بالغياب، وأنا أجلس هناك في مقعدي في الصف الثالث الابتدائي بحصة اللغة العربية، والمدرس يحاول تهدئة بكائي المفاجىء وغير المبرر، وحدي عرفت بلا مقدمات أنه قد مات، كانت نبوءتي الأولي، فكرهت ما أرى، النبوءات تضاعف الوجع ثلاث مراتٍ، الرؤية.. انتظارها.. وحدوثها، لستُ نبيَّةً، ولا أريد.. 

ياربُّ.. 
خذ ما كشفت من الرؤى 
وهاتِ طفولتي!



Sunday, May 12, 2013


(على المسافاتِ أن تحترمَ خطانا المتهالكة
على الخطى أن ترمم شروخها بمهارةِ غزالةٍ هاربة
وعلينا أن نعيد توجيه ما سبق لمركز هاويةٍ ما،
لنشاهد، في ترقبٍ مفتعل، ذوباننا في اللاشيء)

لو كان للحكايةِ أن تبقى لأكثر من محاولةٍ، أو للفضول أن يتنحى احترامًا لبطءِ النهاياتِ لتخلت عن ارتباكاتِها وكسورِها/ ماذا لو تخلينا عن إقحام الآخرين في حكايانا رغما عن غيابِهم؟ ارتجالات الحكي والذاكرة ليست إلا لملء فراغات الروح حتى بما ليس منها/ الأكثر قدرة على القيام بدور المستمع والراوي في الحكايا لم يكن ليكون هناك لولا عجزه التام.. عن أي دورٍ آخر... 
على كل حالٍ.. 
يكذب كل شيءٍ.. 
وتصدق الموسيقا.. 
والمشاهدة من بعيد.. 
من أقصى ركنٍ 
في الهاويةِ الأولى
\


Tuesday, May 7, 2013

هكذا تُقطع المسافات..




بينَ حدَّينِ من الحدودِ الفاصلةِ بين الواقعِ وما سواه، نرتاحُ قليلا على الحيادِ بين الرغبةِ في شيءٍ ونبذه، تماما كالمسافةِ الفاصلةِ بين كمالِ الحلمِ إن ظل على صورتِه، ونقصه إن حادَ قليلا عن وهميته؛ الحيرةُ وثنائية الجذبِ للرؤيةِ لا تدع إلا خطوةً واحدةً وثلاثة احتمالاتٍ، أقلهم تفريغًا للروحِ وأقلهم ثِقَلًا هو عدم الاختيار أصلا.. قطع خيوط الجذب عن كل الاتجاهاتِ والسقوط تماما في نقطة الوقوف.. أو بشكلٍ أكثر مجازًا.. الكفر بالجاذبية!

الرغبةُ في الكتابةِ -غالبا- لا تتتعدى الرغبة في التخلص من مساحةِ وجعٍ جديدة، خوفا من التراكمِ والثِّقَل، خوفًا من العالمِ، ومواجهةً للغربة. الكتابةُ تفشل دائما في ذلك، أو.. ربما تنجح في نكىء الجرح أكثر فتعجِّلُ في نوبة البكاء التالية.

"قف.. لا لأخاطبكَ ولا لتخاطبني، بل أنظر إليكَ وتنظر إليَّ، فلا تزل عن هذا الموقف حتى أتعرف إليك وحتى أخاطبك، وحتى آمرك، فإذا خاطبتك، وإذا حادثتك، فابكِ إن أردتَ عليَّ البكاء، وإن أردتَ على فوتي بخطابي، وفوتي بمحادثتي"
هكذا.. قطع النفَّري المسافات، واختزل الخطوط جميعها.. في نقطةٍ واحدة.


Monday, May 6, 2013





تصادفني بمجرد أن افتح الفيس بوك، صورةٌ مكتوب عليها أن الذين يكتمون ما بداخلهم، ولا يبوحون بشيءٍ، تصبح قلوبهم هشة جدا بمرور الوقت؛ أضحك جدا لتكرارها المبتذل، ثم نظرة سريعة بداخلي.. هو هشٌّ فعلا.. ربما لدرجةٍ مثيرةٍ للوجع، أضحك مرةً أخرى، ثم أغلق الفيس بوك.. وأحاول البوح هنا، كنوعٍ من العلاجِ!

بالأمس بدأت رسم لوحتي بشارب دالي، الرسم الأوليّ أحزنني جدا، في البداية فقط، ثم وجدت أن الخطوط بالقلم الرصاص ليست لي، هذه التي في اللوحة تبدو أربعينيَّةً على الأقل، تشبهني.. بعد عشرينَ عاما، هذا لا يعني شيئًا، الألوان ستخفي التجاعيد الزائدة، أكثر ما توقفتُ له.. هو أن المساحة السوداء بعيني تبدو كبيرة جدا، وأنفي تشبه أنف أبي جدا -أو ما تبقى في ذاكرتي منه، عشرون عاما من الغياب كفيلة جدا بخلق ما يوازيها من الصور الارتجالية- وربما التجاعيد التي أضفتها للوحة أيضًا!

مفهومي عن البوحِ خاطىء؛ 
عن هشاشةِ القلب.. ربما اعتدتها!



Sunday, May 5, 2013

عن "لا تأطير" المادَّة لغيرها




ويقول ابن عربي عن لقائه الأول بابن رشد: عندما دخلت عليه، قام من مكانه إليَّ محبَّةً وإعظاماً، فعانقني وقال لي: نعم! قلت له: نعم! فزاد فرحه بي لفهمي عنه، ثم استشعرتُ بما أفرحه ، فقلت: لا! فانقبض وتغير لونه وشك فيما عنده. وقال لي: كيف وجدتم الأمرَ فى الكشف والفيض الإلهي، هل هو ما أعطاه لنا النظر؟ قلت: نعم ولا، وبين نعم ولا تطيرُ الأرواحُ من موادِّها والأعناق من أجسادها! فاصفرَّ لونُه.

عينا فاجنر تشبه شارب دالي في دقيقةٍ من إحدى معزوفاتِ الأول، سأرسمُ لي لوحةً أستعير فيها شارب دالي.. فقط كتجربةٍ على اللقاءاتِ الافتراضية، فاجنر، دالي.. وأنا؛ في المسافة بين الوصول والرغبة فيه تكمن العلاقاتُ والتأويلاتُ، وتنكشف الحجب؛ في الارتفاع عن النظر بالرؤية، عن البصر بالبصيرةِ، و عن الخطوةِ بفكرتها.

أين كان اللقاء الأول؟ السؤال؟ تتمة الحوار بينهما؟ فلما قال ابن عربي: لا بد من أمكنة للراحة فالمكان رحمة حيث كان، لأن فيه استقرار الأجسام من تعب الانتقال، كأنه ينفي ربط المكان بالحدث، الوصول/ المشاهدة/ العرفان/ لا تحدها المداراتُ وربما لا تدركها أيضًا.


Saturday, May 4, 2013

ككائنٍ وحيد الخلية..



انتظار رسالة طويلةٍ من فراغٍ ما على الجانب الآخر من الحقيقةِ، لا يعني انتظار الحقيقةِ في ذاتها، ربما كان الانتظار شهوةً، ربما كانت الرسالةُ في ذاتِها هي المسافةُ بين سخفِ الانتظارِ وشغفه، ربما كان وقت الانتظار تأويلا أبعد من الحقيقةِ/ الانتظارِ/ الرسالةِ/ الشغف؛ كيف نحاصرُ لعناتِ الاحتمالِ في حينِ تقييدها لنا به؟

على الجانبِ الآخر من الانتظار، تنحتُ أصابعُكَ رؤيا نبيٍّ على وجهِك، المرآة المقابلةُ لك، تكذِّب رغبتك في تغيير وضعية جلوسِك، يخبرك لا وعيك أنه ربما كان أحدهم يراقبك من ثقبٍ ما.. وأن طريقة جلوسِك الآن، شغفَ الانتظارِ وشجنَه على وجهك، مناسبان جدا لمشهدٍ قصيرٍ، مؤلمٍ بما يكفي لجذب العابرينَ، وتصفيقهم.. بصخبٍ كافٍ جدا لنسيان الرؤيا ذاتها، وكسرِ دائرة المشهد كله.. تماما.

الوجهُ الآخر للمشهد.. لماذا لا تكون الحياة بسيطة بما يكفي لئلا نفكر عشر خطواتٍ لارتكاب واحدةٍ فقط؟ أو مثلا.. كيفَ نسامح -تلقائيًّا- العالم ومن ألقانا فيه بلا سبب واضحٍ؟ أو بما يكفي لصديقتي أن تخبر أحدهم أنها تحبه وتكف عن بكائها ليلا خوفا من تداعياتِ الأمر؟ بما يكفي لي.. أن أطمئنها.. دون أن أدرك كذبي فيما أقول؟ بما يكفي لسحابةٍ واحدةٍ أن تتسعَ لرغبتي في الهرب، أو أن تعلمني كيف تعرف طريقها هكذا إلى العدم بفكرةٍ واحدةٍ على عكسِ رؤانا؟ لماذا لا يكون العالم أقل تعقيدًا.. ربما أتمنى لو اتخذت مكاني في مستعمرةِ طحالبٍ، أو كقطةٍ بريَّةٍ أو غيمةٍ خضراء.

على هامشِ الافتراضاتِ، أعلمني الآن أن أتوقف عن الشعور بالأسى، بالخوفِ، أتوقفَ عن وصف العالمِ بالـ "سخيف" ، وأمارسه ببساطةِ كائن وحيد الخلية، أو كشخصية هامشية في فيلم كارتون.. لا يشاهده أحد!




Thursday, May 2, 2013

سُكْر



ساعات لما بتعلق فكرة انك تكون مبسوط -وعيا أو لاوعيا- على حاجة انت متأكد انها مش هتكون موجودة، بيكون مجرد مبرر لانك تزعل من غير ما ضميرك يوجعك انك زعلان على ولا حاجة، وكأن الزعل إدمان، أو حشو فراغ زي كل حاجة تانية، ف كل الحالات كل اللي بنعمله هو مجرد تمرير للوقت أو تفادي للملل، أو عشان لما حد يسألك "بتعمل ايه" تلاقي إجابة.

الوصول لتالت يوم من غير نوم بيخللي كل حاجة أبسط، الضبابية اللي بتكون على الرؤية، والدوار ف الدماغ بيلغوا ملامح وتفاصيل كتير، مؤلمة أو مبهجة مش هتفرق، أشبه بحالة سُكر، لكن مش بيلغوا رغبة وقتية في الرسم، متعلقة على ان مفيش قماش أو ورق. ولا بيقللوا ألم عصبية المعدة والصداع.

غياب الرغبة ف أي حاجة بمجرد حضورها، مش لفكرة امتلاكها، لكن لانها كانت مبرر عابر لرغبة أكبر ف ممارسة الحزن، لكن سخف الفكرة بيبعدها، لمجرد صعوبة تمريرها على النفس أو مواجهة التفاصيل.