Saturday, April 25, 2015

24 أبريل




كيف أردّ القسوة عن قلبي لأملأه بك، ستة وعشرون عاما أحشوه بأحجار الهرب والحدّة، كيفَ أسلبهُ اتّباعه؟

رأسي على صدرك، كنتُ أعدّ خطوات قلبك لئلا أفكر في شيء آخر، وأراقب نومك كأن العالم انتهى عنده؛ قلتُ -وربما لم تسمعني- "أنا سعيدةٌ لأنك هنا"، وفكرت كيف سأكسر ظهر هربي لأبقى.. أو لتبقى، وتذكرتُ أنَّا لا نعبأ بغير الآن، فهدأ العالم ونام بجوارنا كطفلٍ، غير أني أكره الأطفال، فتناسيته ودخنت سيجارةً وفكرت -كعادتي- في الهرب، ولكني هزمته لمرةٍ أولى، مستسلمةً تماما لعبثيةِ وسيرياليةِ حضورنا التي لا أعيها -وربما فعلتَ خلسةً، ولكني أسامحك- وربما لو لم يكن العبث لهربتُ أيضا.

كيف نهزم أشباحنا يا صديق، وقد كبرتْ أكثر من أن نستطيع إحاطتها؟ ربيتُ أشباحي راضيةً بألفتها وهدوءها، ربيتها في غرفتي، في قلبي، وفي رأسي، لئلا أترك مساحةً لغيرها، علمتها الصخب وعلمتني الصمتَ والكتابةَ والوحدة، علمتها الخوف وعلمتني القسوة والحدة، علمتها الطيران فأكلتْ أطرافي وسقطتُ بداخلي.. سقطت ولازلت أسقطُ، أسقط، أتخبط في جدران جسدي وروحي معا، متصالحةً مع اعتلاء الجاذبيةِ وشللي التام؛ غير أنك كنت هناك بطريقةٍ، أقول لك "خذ يدي إليك" فيتوقف السقوط للحظةٍ، ويتوقف العالم؛ غير أنك خارج الهوَّةِ وأنا بداخلها، يفصلنا صمتي وظلامٌ ثقيل؛ وأنا أكرهُ صمتي، وهربي الدائم.. ولا أعرف الآن كيف أتخلص من كل ذلك.