Saturday, June 9, 2012

(2)




- أتذكَّرُكِ جيِّدًا .. حينما تكونينَ فى كاملِ ترتيبِ ملامحكِ التى تحافظينَ عليها دائمًا فى عبثها السوريالىّ جدًّا لتختبئينَ من عفويَّةِ مرورِ الوقتِ على صباحاتِكِ الثائرة، ألفُ عامٍ مرَّت علينا فى جلستنا هذه.. ألف عامٍ، و كلما مرَّ الوقت الذى تدعين وهميته .. إزداد تكوُّرُكِ على نفسكِ و التفافكِ على ما تخافينَ عليه من تلك النظرةِ الداهشة الذاهلةِ عن كلِّ شىءٍ .. و الممعنةِ فى كلِّ شىء، ربَّما اعتقدتُ يومًا أنه سيحينُ الوقتُ الذى تنفكين فيه و تطلقينَ أبوابَكِ للريح .. و تمكثينَ لساعتينِ كطفلةٍ تحيكُ فستانًا جديدًا لغدها الذى لا تنتظره.. تعشقينَ البردَ اعرفُ، لكنَّما المساءات جميعها تعترفُ بغطاءٍ واحدٍ على الأقلِّ لأشباحِها.. ربما لتحفظَ بعضَ التشويقِ لغدها و ربما لتطولَ حكايةَ الجنياتِ الثلاث على نافذةِ جدَّتِك، ألا تشتهينَ الغدَ/الأمسَ .. ألا تشتاقين لدفءِ المساحاتِ الضيقة؟؟؟
- فقط حينما يكونُ الصِّفرُ قيمةٌ قابلةٌ للتجزئة .. و كلُّ المسافاتِ خلفهُ .. موجبة!

الطريقُ قصيرٌ حدَّ اختناقِ الخطوةِ، و طويلٌ حدَّ انهاكها/ هل يعنى امتزاجنا بما نفعل أن تنحل خلايانا شجرةً شجرةً لتصيرَه؟ هل تستطيعُ-هى- أن تكونَ كبطاقةِ هويَّتِه؟ قريبةٌ .. ممتلئةٌ .. فارغةٌ .. صامتةٌ .. حاضرةٌ .. ساخطةٌ عليه / على جيبهِ الضيق جدًّا على أرقامِها/ على دمهِ الصاخبِ يمنعها من ارتكابِ حلمٍ واحدٍ بالتحرر من إطارها / على قلبِه الثلاجةِ المقيمةِ فى صدرهِ ؟
- رائحتُكَ لا معنى لها / كم مرَّةً متَّ قبلَ الآن؟
- الوقتُ يحترق!
- كم مرَّةً متّ قبل الآن؟
- الطحالبُ تقترب!
- كم مرَّةً متّ قبلَ ...
- لابد من تلميعِ السيوفِ جيِّدًا.. هذى جيوشٌ لا تعرفُ التسليمَ أبدا!
- كم مرَّة مت ..
- لقلوبِهم مذاقُ التراب.. أينَ المملحة؟
- كم ... مرَّةً !
- حينما تمارسَ ذاتك المجردة سوى من الآخرينَ لا تبحث عما يزيد شهيتهم تجاهك.. الجوعى  يغتفرونَ غيابَ الملحِ جدًّا/ لستُ جائعًا.. أحتاجُ الكثيرَ من الملح!
- كم.. ؟
- الكثير!