Showing posts with label نصوص. Show all posts
Showing posts with label نصوص. Show all posts

Saturday, February 18, 2017

الـ "آن" ككائن



-والآن؟


-الآن؟ انتهيتُ الآن من المرحلة الأولى للوحة آجنس، ينقصها مسخان فقط لتكتمل، ولسبب لا أعرفه لم أرسم دميتها كما كانت الدراسة الأولى للوحة، في آخر لحظة محوت دمية آجنس وقررت استبدالها بمسخين من مسوخي، وبعض الدعاسيق، وغيرت ألوان اللوحة كاملة بما يليق بالمسوخ والدعاسيق، الآن فقط أدركت أني لا أرسم المسوخ كما اعتقدت، لكنها تبصق وجه عالمي كاملا على عيني، ودون أن أدري.


-لا؛ أعني، الآن! الآن.. ماذا؟


-الآن؟ بعد أن رتبت البيت وغسلت بعض ملابسي؟ لا شيء، أتناول كوبا من القهوة، أدخن سيجارة، أستمع لأم كلثوم، ولا أفكر في شيء.


-ليس ذلك أيضًا، ما أعنيه.. لا أعرف كيف أقول هذا، لكن، ما أعنيه هو الـ "آن" الذي ينخر قلبك بلا سبب واضح، الـ "آن" كفعلٍ أو ككائن، لا كظرف.


-آه، سأخبرك بهذا.. قبل عدة أعوامٍ كنتُ كتلة حزنٍ، فقط كتلة حزن لا أكثر، وكنت أتصور نفسي بعد عدة أعوام -الآن- أعيش وحدي، في بيتٍ بعيد، وهادئ، وكنتُ أراني أجلس وحدي على الأرض، في يدٍ سيجارة وفي الأخرى كأس من الفودكا، وبداخلي يكبر حزني الأليف الذي اعتدته؛ هذا ما اعتقدت أني سأكونه حينها، ولأني عشتُ عمرًا من الغربة غير المبررة، وكنتُ أفكر أني لا أملك سببًا حقيقيًّا للغربةِ فأقطعه لتنتهي، فتمنيتُ سببًا، لأقطع عنها وهميتها، ولأقطع عني عدم أحقيتي فيها، فخلقت لي إلهًا، وعبدته، وصليت، ودعوت أن يمنحني غربةً كاملة، سفرًا كاملًا، وتيهًا محققًا، فلم يستجب، وفقدت إيماني مرةً أخرى، وبقيت الغربة، كإلهٍ يعلو عن الكفر والشك؛ كانت تكبر، تتقدس وتعلو، تبتلع طرقي كاملة، وتلتهم قلبي على مهلٍ، فأشرب دمي لأتجاهل حقيقتها الكاذبة، لا تتوقف، ولا أنسى. كنتُ غريبةً، وكنتُ أعتقد الغربةَ حزن، كنت غريبةً، وكنتُ أعتقد الغربة خوف، كنت غريبةً، وكنتُ أعتقد الغربةً وهن؛ غير أني كنتُ مخطئةً.. ولم أكن أريد أن أصدق ذلك. الآن.. الآن الذي تعنيه، هو أني حققت ذلك، أو تحقق بنفسه، عشت الغربة كاملة وحقيقيّة وقاسية؛ والآن الذي تعنيه، هو أني قبل قليل، كنت أجلس على الأرض، قبالة لوحة آجنس، في يد سيجارة وفي الأخرى كأس فودكا، في بيتٍ بعيد وهادئ، وحدي، غير أن الحزن الذي اعتقدت أنه سيكون هنا الآن ليس هنا، ربما سعدت لصحة نبوءتي، ربما أفتقد شيئًا لا أعرفه، لكني أستطيع الآن احتبار اكتمال الحقيقة كما كنت أختبر اكتمال الحلم، لا أعتقد أني يحق لي الحزن الآن، ولا أعتقد أن الـ "آن" الذي تعنيه هو ذاته ما أعنيه أنا الآن، لكن ربما ما كنت أراه قبل عدة أعوام، الامر معقد، لكن.. على كل حالٍ، أليس هذا ما أردت!؟ هو بعينه وقلبه، فما حجتي الآن! لا شيء..


-آه.. لا شيء!




Thursday, November 27, 2014

Existentialism 1-Grotesque



Primitivism
البداياتُ فجةٌ،
ومتطرفة؛
نستثني التفاصيل 
ونزوج الحلم اكتمالَ الصورة، 
ثم نهرب من المشهد كاملا، 
لئلا نصاب بالخيبة حين لا ينتج عن كل ذلك معجزة

Fauvism
ندافع عما ربَّينا من الفشلِ والهشاشةِ
بالحدةِ والأسنان المتكسرة
كنا نخاف من تقديم أعصابنا للضوء
رممنا عرينا بالدم المتجلطِ والغضب

Romanticism
شربنا هواءً كثيرا لنخفّ
شربنا هواءً كثيرا لتلفظنا الأرضُ عن وجهها

Realism
جيوبنا ممتلئة بعظامنا المحترقة 
وجلودنا الذائبة
نحدق في بعضنا 
ونخفي رغباتنا المتلاحقة في القيء

Neorealism
يكتفي أحدهم ببابٍ قديمٍ
ليصدق أن العالم ينقطع على عتبته
يختفي هناك
ويسترجع تفاصيل البداية المهملة


Saturday, December 14, 2013

صلاة



رأسي فارغٌ كحيرةٍ
ثقيلٌ كـ ادِّعاء
و منتفخٌ.. 
كـ رغبةٍ في البوح

عالقون نحنُ على أعطال ظلالنا الكافرة، أيّ مبررٍ يلزمُ لظلٍّ كي يلقي في طريق صاحبهِ كلَّ تعجُّبٍ صَحِبَ التصاق الخطى.. ثم يكفرَ بالطريق؟ نقول.. "ظلٌّ أخيرٌ ثم أعود لمقعدٍ فارغٍ في الرأسِ أعدّ ما تبقى دون كسرٍ، أشاهد فيلما عن الموتى، أسبّ الغيب ثم أتوب"؛ يضيق الصدر تدريجيا لصالح المجاز، ننتفخُ، ننتفخُ كسحابةٍ من رصاص، ثَمَّ نكتشف رداءة التشبيهِ.. ثم نصلي للبراح.

قلبي فارغٌ كـ ادِّعاء
ثقيلٌ.. كـ حيرةٍ
و منتفخٌ
كـ رغبةٍ في البوح
\



Thursday, December 5, 2013



لا يرون أبعد من ثقوب أرواحهم
معبئون بالوجعِ و الموتِ، 
كيف تمتلئ الذاكرة بغير عبارات صدئةٍ 
و محاولاتٍ قصيرةٍ كافرة؟
لهم أوجاعهم
و لنا مزاجاتنا المتقلبة 
و سكاكين المدارات المتكسرة،
و للأنبياء
سر الخلقِ
و تصلب الهواء.
\


Thursday, October 10, 2013

كحكمةٍ متأخرة



سنقف في الطريقِ فجأةً
و سنمسك العمر من ذراعه
و نقول بحكمةٍ متأخرة:
"الآن الآن، علينا أن نتسول أنفسنا ممن وزعنا عليهم براحنا،
لم نكن أكثر من باعةٍ متجولين في الباصاتِ و الشوارع المزدحمة"
ننظر في الأرضِ قليلا و نكملُ الطريق مترافقينِ،
بسَكِينةٍ 
غريبةٍ على كل الاحتمالات المتاحةِ حينها.

لسنا سكارى بما يكفي لنمارس الحياة ببداهةِ الأطفال و المجانين، السيارات أبطأ من أن تدرك لحظات صحونا في منتصف الطريق، سنمر، آسفينَ، بسلامٍ، بعد أن أدركنا في لحظةٍ سريعةٍ -تمنينا أن تكون الأخيرةَ- أنه لا جانب آخر للطريق، نحن هنا، في المنتصفِ تماما، بقلبٍ مرتعشٍ و خطوات متكسرة.

كنهايةٍ سعيدةٍ، 
علينا أن نصدق تماما
أن الله/ الهاويةَ/ الجنونَ...
إشارةٌ حمراء
\


Monday, September 23, 2013



استبدلتُ قهوتي كلها بالنوم،
حاجتي للهربِ هائلةٌ،
و رأسي عالقةٌ باللا شيء؛
ماذا يفعل المفرطون في رؤاهم
لو أن العالم كله اجتمع فجأةً على تعنيفهم،
لأن عيونهم أكبر من أن يهادنَ خساراتِه المتكررة،
أكبر مما يليق بترابيته، 
و أوسعَ مما يناسب ثوبه المهترىء؟

ماذا نفعلُ، 
نحن، 
غير أنَّا نعجن أطرافنا بالصبرِ و الشكوى؟

رغباتنا متهالكةٌ 
و الخطى إعراض
\


Saturday, September 21, 2013

نبوءة II



أعرفُ أن هذا اليومَ يقترب جدا،
ستذوب قدماي تماما،
أقفُ على قلبي لأستعيدَ طولي قليلا،
و أحافظَ على مستوى الضوءِ الساقطِ على وجهي،
سأنتهي من آخر سيجارة في آخر علبةٍ،
و سأحرق كل ما رسمت، 
كل ما كتبت 
لأعوض غياب الدخانِ 
ضيقَ النفسِ 
و ضبابيةَ الغرفة،
أبتسم ببلاهةٍ شديدةٍ، 
و أستسلمُ.. 
لرطوبةِ الدمِ على الأرض؛
كل هذا، لا ينفي أبدا أني سعيدةٌ تماما..
بهذا الغرق
\


Sunday, August 25, 2013

لو جئت قبل الله..



أُرِيحُ خمسًا و عشرين عامًا على الأرض، ثم أقول: "لو أن الزمن تغير قليلا، و جئت أنا قبل الله، لفعلتُ أشياء أخرى".
يصرخُ عابرٌ "الله أكبر من لو"، ينعتني بالكافرة، و يلقي من جيبه على وجعي بعض الكرهِ، كواجبه في الدفاع عن إرثه من اليقين، و يرحل قبل أن أخبره أن جهازي الهضمي لا يدرك الخرائط، أنا تائهةٌ تماما، و متخففةٌ من ادِّعاء الحقيقةِ، حدَّ أني أعلق خيباتي على رأسي لتجف و أعيد ارتداءها بسعادةٍ تامةٍ، و ذاكرةٍ طفلة.

قبل انكسارينِ، كان سيهديني غريبٌ حقيقتين، تكفيان لأنسى فرضيتي، فأفسح الطريق هادئا لعابرٍ لا يهمه أن الله لا يدخن الحقائق.


Friday, August 16, 2013

استشراف..



كنبيٍّ،
يعرفُ خطواتِ الزمنِ جيدا،
يراقبُ تجسُّدَ نبوءاته،
في سلامٍ..
و هدوء، 
دون أن يردِّد على الآخرينَ: 
"لقد قلتُ لكم!" 
فلم يعرف أحدُهم.. 
أنه نبيّ.
يقول لنفسِه: أبجدياتهم كلها لا تليق بقدسيَّةِ ما  لا تستطيع توصيف قصورها عنه!
يأكل قلبَه.. و ينام.

على أطرافِ موتِه، يقول أحدُهم للآخرين: "لقد قلتُ لكم، هذا أخرسٌ غبيّ، لو وُزِّعَت حياته علينا!!" يصدقونَ عليه.. و يرتِقون قلوبهم بصلاةٍ، كتَتِمَّةٍ لمشهدٍ.. لم يكتبه أحد. 


Monday, July 29, 2013

(توطئة)




أريدُ أن أتعرى تمامًا من حدودِ الحرفِ و الخرائط.. أريدُ ألا أنفجرَ وحدي.. فى غرفتي الضيقة جدًّا على روحي.. و خطوتي المحدودة جدًّا على حلمي.. أريدُ أن أمارسَ الآخرينَ أو أن يمارسنى الآخرونَ كحالةٍ ليسَ أكثر.. أن أكسرَ حدودَ كل شىءٍ حتى و لو تضاعفَ الألمُ بعددِ الآخرين.. حتى و لو تضاعفَ الغرقُ و التيهُ و اتسعَ الفراغُ على قلبي أكثر و أكثر!

أكرهني جدا عندما أخفي قلبي النازفَ فى جيبي و أضحك، أكرهني عندما أمنعني من السقوطِ على يديكَ يا صديق.. ضمَّني جيِّدًا إلى صدرِكَ.. و اعتصرني حتى تنحلّ مسامِّي جميعها بيديك.. مريضةٌ أنا.. منهكةٌ.. نازفٌ كل ما بداخلي.. و أضحك.. كم أنا غبيَّةٌ.. اختلعْ قلبي يا صديقى من جيبِ الصبرِ و النزيفِ و ضمَّهُ حتى يغيبَ عن وعيهِ تمامًا.. ثمَّ القهِ جانبًا ليموتَ وحيدًا.. كماي، و خذني حينها لئلا أموتَ وحيدةً كماهُ!



Wednesday, July 24, 2013

Teleportation



تقولُ: الغيبُ أرَّقَ ما تبقَّى من دخانِ سجائري، 
فتسربت روحي إليك 
بغيرِ حلمٍ ما يناسبَ ما سأذكرِ من رحيلِ كليهما.
و تقولُ: السُّكرُ ما شوَّهتَ وجهَ الأرضِ بالمحجوبِ و الرؤيا.

يا وقتنا المسكوبُ في أعصابِنا/ أرهقتنا
بردٌ يداكَ على المسافاتِ الكبيرةِ/ 
صفرٌ 
في الحضورِ إلى الحقائقَ حينَ نرتقها لتخفي عيب صنعتنا.. 
ستنسى، 
أو سننسى، حرقَ خطاكَ فوقَ وجوهِنا.. 
و ننامُ في حضنِ المحاولةِ الجديدةِ... 
ربما

دعنا نجرِّبُ موتَنا في هدأةٍ مما ارتكبت من الصدى/ 
دمنا على الناياتِ/ 
يذنبُ صوتُها في كل أغنيةٍ/ 
دربت حنجرتي على اللاشيءِ فانقطعت طريقُ الله عما أشتهي/ 
يا من يعدُّ الروحَ للأحلامِ
دع صوتًا يناسبُ حشرجاتِ القلبِ حين تغيب
دع حلمًا يسع أوتارنا دون انقطاعٍ للحقيقةِ
دع وجهًا.. 
نقابل فيه ما نخشى
و دعنا.. 
نشتهيكَ لنلتقي لقيا المحبين/ 
دع سيفًا.. 
و قبِّل خطوتِي/
يا "حرف النداء"/غياب ما سيليهِ / 
أنت المطلق المنسي في جيبِ الحقائق
سوف نغيب حين نغيب في جيبِك.. 
و تنسى
\

Friday, July 12, 2013

فلم أجد أين



قال*:
"أشهدني الحق بالحيرةِ، 
قال ارجع، فلم أجد أين"

الأبواب، نصف المفتوحة، نصف المغلقة، ستمنح العابرين من بعيدٍ حميمية لا تخصهم، ستُفقِدُ المقيمين قدرا من الدفءِ، لو كان هنا، لما شغلتهم نقطتا الضوءِ الهاربتانِ من فراشةٍ تتلصص حضورهم بفضولٍ يخجل من كل ذلك.

"فقال لي أقبل فلم أجد أين"

لو خلعتَ عنكَ نفسَك عند ما يفصلك عنه، لاجتمع الكون في نقطةٍ واحدةٍ، لا هي أنت ولا هي هو، بل اكتمال الصورتينِ على مداخلِ ما سيصدق منكما.

"فقال لي قف.. فلم أجد أين"

لا إلى هؤلاءِ ولا إلى هؤلاء، كيفَ يُسقِطُ القلبُ نفسَه عن نفسِه؟ إن كانت المرآة معجزةً تخصُّ نبيَّها بالذكرِ.. ينكرها؟

"في الحيرةِ تاه الواقفون، وفيها تحقق الوارثون، وإليها عمل السالكون، وعليها اعتكف العابدون، وبها نطق الصديقون، وهي مبعث المرسلين، ومرتقى همم النبيين، ولقد أفلح من حار."

لم ندرك حضورنا، ولا أتممنا الغياب؛ 
المراقبةُ، فعلُ الحائرِ.. 
"قد أفلحَ.. من حار"
\


Sunday, June 9, 2013

عن الإصابةِ بالنملِ.. والارتجال




الحضورُ مُثْقِلٌ بتبعاتِه، لا أذكر كم مرَّ من الوقت منذُ... وتقف ذاكرتي هنا، إذ لا أذكرأي شيءٍ، هذا الفراغُ الهائلُ من التفاصيل التي لا صلة لها بأي شيء، يشدُّ على يدي..
مشهد:
الفراغُ.. هذا العجوز غير الحكيمِ، رث الخطى، والذاكرة
أنا.. تفصيلةٌ طفلةٌ في خاطرٍ مجهول
الفراغُ يشد على يدي، نعبرُ تماثلية المحاولاتِ مرورًا به، بي، ومساحاتٍ متقطعةٍ من التكرارِ والملل؛ تقفزُ، في جيبِ العجوزِ، حباتٌ من الحلوى مصابةٌ بالنملِ والارتجال، يتضخم جيبه، يتضخم هو، وأنا أتلاشى، أسقط من يدهِ، كـ نملةٍ تطاردها ضخامة كل شيءٍ، وكرهُها للحلوى.

الحضور مُثقِلٌ.. 
و أنا مريضةٌ.. 
مريضة
\



Wednesday, June 5, 2013

"Rue de l'inquietude"




الوجودُ كائنٌ قَلِق، نحنُ.. أوهامٌ عالقةٌ في خيالاتِه الصاخِبة.

 ياصديقي البعيدُ، ماذا لو كسَّرنا أقانيم أوهامنا، لو توقفنا عن تأويلاتِنا ليومٍ واحدٍ فقط، لو خاطبنا ناسوت الأشياءِ، وتلمسنا خطانا بحقيقيَّةٍ نستحقها؟
وبعد..
الطرق وعرةٌ يا صديق، لعلَّ الظلال تطول بما يكفِّي حكايةً طفوليَّةً واحدة، حتى المسافات بين الرغبة في الغياب و الفضول لانتهاء الحكاية لم تعد تسع التخيّر، مجبورون نحن على كليهما، غير أن الحكايا لم تعد طفوليَّةً -وربما لم تكن- بل حادتْ، مستغلةً شروخَ أقدامنا، لميثولوجيَّةِ الخيالاتِ والصخب؛ كيفَ تُطوى الطرقُ برسالةٍ واحدة؟ وكيف تذوب الخرائطُ بما يجبر الخطى ويدفىء القلب!؟

نحنُ كائناتٌ قلِقة، الوجودُ.. وهمٌ عالقٌ في خيالاتِنا الصاخبة.

لم تتصوف المفرداتُ وحدها، ولم تزهد الرؤى فيما يقيمها، لكنّ اهتراءَ الجِلدِ، احتكاكا بالفراغِ وحده، كشَّفَ ما ظننَّا تبطينَهُ وتلوينه، ادِّعاءً؛ مصلوبونَ نحنُ على افتراءاتنا، ولم نسلم من خديعةِ الجذبِ، وفيزياء الأجسامِ، فانقلبَ الصليب، وتمَّ الخلاص لما لا نريد..
وبعدُ.. فـ يا صديق، فلنصلِّ باتجاهِ ما لا نملك، لما لا نعرف حقيقةً، ولنكرِّسُ المعنى لتمامِه، وجسد الشيء لنقصاننا.

أبانا الذي في السماوات، ليتقدس اسمك،  ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض، حقيقتنا كفافنا أعطنا اليوم، واغفر لنا أوهامنا كما نغفر نحن أيضا احتفاظك بالحقيقة كاملة، وأدخِلنا في التجربة، لكن نجنا من الترابِ، لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد. آمين




Sunday, May 26, 2013

نبيٌّ نيىءٌ




القلبُ.. نبيٌّ نيِّىءٌ،
لا بُدَّ من رؤىً بالغةٍ لتُقبَلَ فتواهُ،
ليلجَ أبوابَ العرفانِ، 
ليعرفَ
أن حيودَ الطرقِ لا يعني انتفاءَ الوصولِ، 
و ليعرفَ أن الطريقَ مسالمٌ 
كعجوزٍ 
يراقبُ التبدُّلَ في مللٍ وحكمةٍ.

"من ذاق عرف، ومن عرفَ اغترف" 
فَرَدَّ علاماتِ الظمأِ في وجوه الواقفينَ على حدودِ الوجد، 
المثقلين بخوفِهم.

القلبُ..
نبيُّ كاملٌ،
فاستفتِ وجدَكَ،
و خضْ مسالكَ ما ارتجى.. 
\



Saturday, May 25, 2013

ماتيس.. جبران.. وغيمةٌ موازية




ماتيس.. الصورةُ الأرضيَّة لقدسية جبران؛ ثمة علاقةٌ ما، بين لوحات ماتيس.. وجبران، وكأن الأول يرسم جسد الفكرةِ، الثاني يرسم روحها، ربما لم تكن العلاقة مباشرة، وربما لم تكن أصلا، محض توهماتٍ كنتيجةٍ سُكْريَّة للأرق. 

رأسي تميل إلى اليمين حتى صارت أفقية تماما، الآن ستسقط سحابةٌ ما، من أحد المصابيح الأربعةِ في سقف الغرفةِ، تخترق أذني اليسرى، وتستقر في الجمجمة بعد أن تزيح ما بداخلها، أو ربما تذيب كل شيءٍ لو أمطرت لدقيقتين فقط، السحابُ لا يحب المساحات الضيقة، ورأسي صاخبةٌ.. صاخبةٌ باللاشيء!

بين "رقص" ماتيس، و"ألم" جبران، ثمة مساحاتٌ للتأويل وضبابية الحدودِ في كليهما؛ 
بين السحابة في رأسي والصخب بداخلها، رغباتٍ متقطعةٍ في الاندماج، وأنانية مفرطة، من كليهما، في الاستيلاء عليها كاملة
أنا.. أفضل السحابةَ
سأنتظر حتى يكتمل دخولها تماما، أعيد رأسي فجأةً لمكانِها، لتمطرَ الأولى، ربما امتزجت رقصة ماتيس بألم جبران، في اللحظة التي يلتقيانِ فيها.. على بابِ القيامة
\



Thursday, May 23, 2013

واحديَّة




الجرحُ في إصبعي يلتئمُ سريعًا، رغم اتساعه، ليست الصورة هي العبء الأكبر كما ندَّعي دائمًا، لن تنبت لأرواحنا أجنحة لو تخلصنا من أجسادنا، ربما كانت الروح أثقل وأشد جذبا للأرض من الجسد، ربما كانت هي النقص، تحقيقًا، في الجزء الأكبر منَّا؛ لا أحب الصباحات المتخمة بالاحتمالات؛ سكاكين الرسم تخلق جروحًا كبيرة نسبيًا.. ولكنها لا تكفي حتى لانتحار.

الآخرون طيبون.. حتى في أشد لحظاتهم قسوةً أو كرهًا، هذا الطفل الكامن بعيدًا عن تفاصيلنا المتعَبَة، لا يعبأ بالوقتِ.. أو بكسور مفتعلةٍ في وجهه، يعبأ فقط.. بحباتٍ صغيرةٍ من الحلوى في صباحاتٍ هادئةٍ وبسماتٍ مكتملة. لو نحينا جروحنا جانبًا.. لاكتشفنا واحديَّةَ أوجهنا.. وكذبَ التباين في حقيقةِ الخلق.

ليست المحاولات ببساطة افتراضها، للدمِ، كالرؤيةِ، مسارٌ واحدٌ، ولندوب الجرح المتكرر فضولُ العابرين/ استياءهم/ وافتراءاتٌ لا تكفي لغير إشباع خطواتهم السريعة، أوتفاديا لصعوبة البوح
\



Saturday, May 18, 2013

عمَّا ينقصُ بالحديث عنه




كأن ينشغل التائه بعدِّ خطواتِه بدلا من أن يبحث عن صيغةٍ للسؤال، أو كأن يرتِّب طريقًا افتراضيًا لا يفضي إلى شيءٍ سوى مزيدٍ من التيه، هكذا يقابل السكارى واقعا لا يخصهم في شيء، هكذا.. نقابلُ العالمَ.. عرايا.. سوى من رغبةٍ في الوصولِ، تخفتُ على امتدادِ تشابه النهايات.
تقول: من يريد الرحيل حقا.. لا يخبر أحدا؛ الراغبون في البقاءِ فقط يبحثون عن سببٍ له، لكن الخيوط ضعفت.. والحيادَ آكلُ ظلالٍ بارع.

"يا شمسُ يا مهووسةٌ بابتلاعِ ما سقط عنَّا وما لم يسقط بعد.. ردِّي امتلاء جيوبنا بالحلم"
هكذا لم نكن نغني حينما يسقط حلم ما على القلب، هكذا.. ثُقبَت جيوب القلب أجمعها، واكتسبنا الأرق
يقول: لو أن الله خلقني نملةً.. لكنتُ الآن أسعد.

في مشهدٍ موازٍ، النملة تتسلق المرآة لخمس ساعاتٍ متواصلة، وعلى المسافة ذاتها من البداية.. تسقط.



Tuesday, May 7, 2013

هكذا تُقطع المسافات..




بينَ حدَّينِ من الحدودِ الفاصلةِ بين الواقعِ وما سواه، نرتاحُ قليلا على الحيادِ بين الرغبةِ في شيءٍ ونبذه، تماما كالمسافةِ الفاصلةِ بين كمالِ الحلمِ إن ظل على صورتِه، ونقصه إن حادَ قليلا عن وهميته؛ الحيرةُ وثنائية الجذبِ للرؤيةِ لا تدع إلا خطوةً واحدةً وثلاثة احتمالاتٍ، أقلهم تفريغًا للروحِ وأقلهم ثِقَلًا هو عدم الاختيار أصلا.. قطع خيوط الجذب عن كل الاتجاهاتِ والسقوط تماما في نقطة الوقوف.. أو بشكلٍ أكثر مجازًا.. الكفر بالجاذبية!

الرغبةُ في الكتابةِ -غالبا- لا تتتعدى الرغبة في التخلص من مساحةِ وجعٍ جديدة، خوفا من التراكمِ والثِّقَل، خوفًا من العالمِ، ومواجهةً للغربة. الكتابةُ تفشل دائما في ذلك، أو.. ربما تنجح في نكىء الجرح أكثر فتعجِّلُ في نوبة البكاء التالية.

"قف.. لا لأخاطبكَ ولا لتخاطبني، بل أنظر إليكَ وتنظر إليَّ، فلا تزل عن هذا الموقف حتى أتعرف إليك وحتى أخاطبك، وحتى آمرك، فإذا خاطبتك، وإذا حادثتك، فابكِ إن أردتَ عليَّ البكاء، وإن أردتَ على فوتي بخطابي، وفوتي بمحادثتي"
هكذا.. قطع النفَّري المسافات، واختزل الخطوط جميعها.. في نقطةٍ واحدة.


Sunday, May 5, 2013

عن "لا تأطير" المادَّة لغيرها




ويقول ابن عربي عن لقائه الأول بابن رشد: عندما دخلت عليه، قام من مكانه إليَّ محبَّةً وإعظاماً، فعانقني وقال لي: نعم! قلت له: نعم! فزاد فرحه بي لفهمي عنه، ثم استشعرتُ بما أفرحه ، فقلت: لا! فانقبض وتغير لونه وشك فيما عنده. وقال لي: كيف وجدتم الأمرَ فى الكشف والفيض الإلهي، هل هو ما أعطاه لنا النظر؟ قلت: نعم ولا، وبين نعم ولا تطيرُ الأرواحُ من موادِّها والأعناق من أجسادها! فاصفرَّ لونُه.

عينا فاجنر تشبه شارب دالي في دقيقةٍ من إحدى معزوفاتِ الأول، سأرسمُ لي لوحةً أستعير فيها شارب دالي.. فقط كتجربةٍ على اللقاءاتِ الافتراضية، فاجنر، دالي.. وأنا؛ في المسافة بين الوصول والرغبة فيه تكمن العلاقاتُ والتأويلاتُ، وتنكشف الحجب؛ في الارتفاع عن النظر بالرؤية، عن البصر بالبصيرةِ، و عن الخطوةِ بفكرتها.

أين كان اللقاء الأول؟ السؤال؟ تتمة الحوار بينهما؟ فلما قال ابن عربي: لا بد من أمكنة للراحة فالمكان رحمة حيث كان، لأن فيه استقرار الأجسام من تعب الانتقال، كأنه ينفي ربط المكان بالحدث، الوصول/ المشاهدة/ العرفان/ لا تحدها المداراتُ وربما لا تدركها أيضًا.