اليوم.. هو الأول في فشلِ محاولاتي لدرءِ الملل، بعد عشرين يوما من سلامٍ داخليٍّ لم يزرني منذ زمنٍ بعيد، بعد قرارٍ ربما يغير اتجاهات حياتي تماما، كنت سعيدةً تماما بقدرتي التي تتضاعف يوميا، على تفريغِ خطايَ من أي حِملٍ زائدٍ على الروح، دون الالتفات.. لقدرتي على تفريغِ القلبِ والذاكرةِ من ندوبٍ قديمةٍ ومحاولاتٍ فاشلةٍ وبقايا احتمالات، كنت سعيدةً حقا.. حدَّ أني ربما لو كنتُ كتبتُ هذا قبل الآن، لما أزعجني تكسر لغتي وركاكةِ التعبير.
كنتُ أتعجب دائما.. لماذا تقفزُ لذاكرتي روايةً وحيدةً طوال الوقت، كلما فكرتُ في كتابٍ لأقرأه في لحظةٍ عابثة، كلما فكرتُ في شيءٍ أحبه، كلما فكرتُ في كتابٍ وحيدٍ باقٍ في ذاكرتي رغم إلقائها لكل شيء.. ولماذا كان اسمها "تفريغ الكائن"، ولماذا حصلت عليها بصدفةٍ عبثيَّةٍ جدا، ربما لتناسب بقاءها الغريب بداخلي.. أو لتناسب عبثية "داخلي" أصلا؟.. ربما.. ولماذا.. هي ليست معي الآن!
سعي دائم لأتخلص من كل ما يطرأ عليَّ من أي شيء.. ربما تزعجني وحدتي أحيانا، ولكن يزعجني أكثر بقاء الآخرين في القلب أو في الذاكرة، لم يكن مجازيا ما قلت قبل الآن عن أن قلبي مثقوب ولا يتحمل ثقل وجود الآخرين، وربما لهذا أيضًا.. أتخلص منهم -لاواعيةً لذلك- بحدَّتي وقسوتي أحيانا. أنا أكره هذا.. أكرهني وأكره الآخرين.
ماذا على الكتابةِ أن تفعل الآن في هذا الملل والصخب الداخلي؟؟ ماذا على فقراتٍ مفككةٍ ركيكةٍ أن تفعل الآن في سقفِ الغرفةِ الذي يقتربُ تدريجيًّا ويختزل مساحات التنفس؟
المثيرُ للسخفِ الآن.. أن لا أحد يستطيعُ الكتابةَ إلا في لحظاتِ الموت.. فقط من لا يستطيعون الصراخَ في وجهِ العالم.. يلقون برئاتهم الضيقةِ على ورقةٍ بيضاء.. ويصدقونَ أن الهواء الآن.. صار أكثر!