و الآن،
ماذا نحملُ في جيوبنا
غير قصص
أفرطنا في تفريغ كل ما نملك من الدرامية عليها؟
غير عابئين بالنهايات الحزينةِ،
فرِحين
-بطريقةٍ غير مباشرةٍ-
بامتلاكنا لكل هذا الوجع
الموسيقى تبتعد، و الحديثُ عن الهشاشةِ و القلق صار مبتذلا جدا.
الصوتُ لا يمر على أذني، و لا رأسي، بل يصطدم مباشرةً بمساحةٍ في القلبِ، أجهلها،
في الخلفية.. شتراوس مغرق في ضبابيته، أنتقل مباشرةً لـ "شذى" مارسيل خليفة، أعرف أن هذه الموسيقى مؤرقة و مزعجة بشكل جميل، تذكرني بأشياء لا أعرفها، الذاكرةُ شواهد على الزمن لا أكثر، كدليل أنا مررنا هنا يوما، و أنا ذاكرتي متوقفة تماما منذ عشرين عاما، أنا لا أدرك أني الآن في الخامسة و العشرين، قلبي عجوز جدا، و ذاكرتي طفلة، أنا مصابة بالشيزوفرينيا و بفكرة لن تكون.
أكرهُ الذينَ أحبهم، عمدا، لئلا يوجعني غيابهم، يقترب الغياب بقلبي حد الإطلاق، و كأنه الثابت الوحيد، استجديت الله كثيرا ألا يوجعني بهذه الطريقة، و أخبرته أن للوجع طرق أخرى، كنت أحاول عقد صفقة مع الله، لكن لله حسابات أخرى، لماذا أعرفها، أنا التي أجهل كل شيءٍ هنا.
في الخارج، كل شيءٍ هادئٌ و ثابت جدا، أكوام الورق في كل مكان، لا تفرض حضورها على شيء، لا هواء أبدا لكن البرد حاضر، كأن أحدهم سد مسارات الدم كلها هنا، و اختفى.
أسأل نفسي فجأة "لماذا تبكين الآن؟" أضحك جدا.. و أقول "لا أعرف!".