هذا التكرار لو أفاد فلن يكون أكثر من أني مت قبل هذا، أنا لستُ هنا أصلا.
قلت قبل الآن أن الصوت لا يمر على أذني، بل يصطدم بقلبي مباشرة، هكذا كانت موسيقا موتسارت التي لم أكن أعرفها حينا و لكني كنتُ على يقين أنها لموتسارت، أستيقظ على موسيقا لا أعرفها آتية من مصدرٍ مجهول، و لكنه هنا في الغرفة، يتردد عاليا، و لأني أعرف و أنا أحلم أني أحلم، اعتقدت أن الأمر كاملا كان مجرد حلم، أعرف أني لو فتحت عيني سينتهي كل شيء، أبقيت عيني مغلقة لئلا تتوقف الموسيقا، و لكن حقيقية الأمر نفت عن رأسي فكرة الحلم، أنا لا أحلم، هذا حقيقي تماما، الموسيقا هنا، في الغرفة، و فعلا لم تتوقف بعد أن فتحت عينيّ، لا مصدر للموسيقا، لا شيء على الإطلاق، تحققت من اللابتوب، الموبايل، لا شيء، فقط موسيقا موتسارت تتحرك في فراغ الغرفةِ كهواءٍ ليس غريبا أبدا أن يكون هنا؛ لم أبحث عن تفسيرات لذلك، فقط اكتفيتُ بكل ما أكسبني الحدثُ من بهجةٍ و اتصال بذلك المطلق الذي يعرفُ كيف يربت على قلبي -حتى لو كنت أعتقد هذا فقط- عندما يكون على وشك الذوبان التام؛ و لكني بحثت بعدها في كل أعمال موتسارت لأتأكد أن الموسيقى فعلا له، و كانت كذلك!
اليوم، كان صوت درويش
(كبرنا، كم كبرنا، و الطريق إلى السماءِ طويلةٌ)
بهذا الأسى و الاتساع الذي يسكن صوته.
صاخبٌ، كل شيءٍ صاخبٌ، كيف أوقف عن رأسي كل هذي الطرق التي لا أعرفها، هذه الأصوات التي تأتيني قسرا، حتى و إن بدت الفكرة جميلةً بحالها المجرد؟
السيء، ليس موسيقا موتسارت أو صوت درويش، بل، أن يتسرب إلى رأسك صوت أحدهم، أو رؤيته لك، في وقت ما، ثم تعرف أن المشهد كان حقيقيا تماما!
من قال أني أريد أن أعرف أبعد منِّي؟ صديقي المطلق، أوقن -و نادرا ما أفعل- بحكمتك في كل ذلك، فقط، هبني لغةً تكفي للإحاطة بكل هذا الصخب، و هدِّئ من اصطدام الأصوات -الآتية من حيث لا أعرف- بقلبي.
كبرنا.. كم كبرنا، و اللسان ثقيل و منعقد،
أريدُ لغةً أوسع..
لغةً..
أوسع
\