بينَ حدَّينِ من الحدودِ الفاصلةِ بين الواقعِ وما سواه، نرتاحُ قليلا على الحيادِ بين الرغبةِ في شيءٍ ونبذه، تماما كالمسافةِ الفاصلةِ بين كمالِ الحلمِ إن ظل على صورتِه، ونقصه إن حادَ قليلا عن وهميته؛ الحيرةُ وثنائية الجذبِ للرؤيةِ لا تدع إلا خطوةً واحدةً وثلاثة احتمالاتٍ، أقلهم تفريغًا للروحِ وأقلهم ثِقَلًا هو عدم الاختيار أصلا.. قطع خيوط الجذب عن كل الاتجاهاتِ والسقوط تماما في نقطة الوقوف.. أو بشكلٍ أكثر مجازًا.. الكفر بالجاذبية!
الرغبةُ في الكتابةِ -غالبا- لا تتتعدى الرغبة في التخلص من مساحةِ وجعٍ جديدة، خوفا من التراكمِ والثِّقَل، خوفًا من العالمِ، ومواجهةً للغربة. الكتابةُ تفشل دائما في ذلك، أو.. ربما تنجح في نكىء الجرح أكثر فتعجِّلُ في نوبة البكاء التالية.
"قف.. لا لأخاطبكَ ولا لتخاطبني، بل أنظر إليكَ وتنظر إليَّ، فلا تزل عن هذا الموقف حتى أتعرف إليك وحتى أخاطبك، وحتى آمرك، فإذا خاطبتك، وإذا حادثتك، فابكِ إن أردتَ عليَّ البكاء، وإن أردتَ على فوتي بخطابي، وفوتي بمحادثتي"
هكذا.. قطع النفَّري المسافات، واختزل الخطوط جميعها.. في نقطةٍ واحدة.